الموت حق هكذا قيل له …و مارس الناس التنظير بكل ضروبه في المقابر …بالله ياولد غرق ود الاحد .
..الطوبة دي زحها..المطمورة دي ما مواسية ..رش موية هنا..جر الواسوق جاي..لم يتبقي سوى ان يتبرع احدهم بإستخدام ميزان ماء و يقوم الاخر ب(غز) قاما ..ليأخذ قراءات مساحة وارتفاع القبر كما يفعل مهندس المساحة
يال الهول.. الشعب السوداني يعتبر حفر القبور علما خطيرا وتخصصا نادرا اشبه بتقنية تخصيب اليورانيوم ..و يجب ان تدلي بدلوك فيه خصوصا اذا ما فارقت العافية وعنفوان الصبا سواعدك …فتحس برغبة دائمة في نقل علم الذرة هذا الي الاجيال الصاعدة..(الزول البنظّر في المقابر دا اصلو ما بمد يدو يمسك ليو ازمة ولا كوريك)ء..
الموت في بلادي يصاحبه خراب الديار دائما…وربما قبل الوفاة حتي….فمنذ دخول المريض الي المستشفى…وعلي الاغلب سيخرج محولا علي الة حدباء.. الي بارئه بسبب سوء التشخيص وتنعدم العناية الطبية..( مالم يكن من نزلاء احدي المستشفيات الخاصة التي تكاليف الليلة الواحدة فيها اغلي من تكاليف الاقامة في الهيلتون)* ..واحيانا حتي ذلك لا يمنع القدر من ان يغدر باهل الميت ..
ومن ثم يهرع الاهل والاصدقاء والمعارف الي (بيت الفراش)…انظر الي التسمية الاستغلالية الخبيثة!!..
فالفراش كناية عن الفرش والوسائد والنوم ثم العطلة والشاي والجبنات والجرائد الخ… والاكل علي حساب اهل الميت بكل طيب نفس..مش بيت الفراش؟؟..
كل تلك الخواطر جالت في خاطر(حامد) بعد شهر من وفاة والده -وضيف لم يعرف جاء لتقديم واجب العزاء-.يجلس في صالون منزلهم ..جلس الرجل يداعب مسبحة آبنوسية تدل علي نفاقه اكثر من اي شيء آخر ..وقد حاول ان يكسو تعابيره وهمهماته صفات الزهد والورع..لكن العكس تمام حدث..فلو انك فتحت القاموس عند صفحة (دجال) لرأيت صورته موضوعة بعناية..
- والله ياولدي ابوك دا كان رجل خير وإيمان …
- ربنا يرحموا…مع ان والده لم يكن بهذا الورع ..لكن الموت في بلادنا ينقل المتوفي مباشرة الي رتبة القديس فيتخطى الامر ذكر محاسن الموتى الي اختلاقها ..
- يا سلام.. هئ هئ هئ هئ …نففففففففففف
وبعد ان واصل (الملحسة) لما يزيد عن نصف ساعة في تعديد مناقب وهمية للفقيد تنحنح
- وقال :والله يا ولدي ابوك دا حلّمني امس..
لم يكن حامد من الذين يعتقدون في الشيوخ- عكس حال السواد الاعظم من ابناء بلدي
لكنه واصل الاستماع علي امل ان( يشوف اخراتها)ء
- خير ان شاء الله؟
ابوك دا جاني في المنام وقال ليك هو اسي في جهنم و بياكل في النار و بتعذب..لانو كان شايل مني قروش وما رجعها لي..فقال ليك ادي عمك دا 20 مليون.
نظر حامد الي الشيخ في صمت ..وبدون مقدمات انتزع السوط المعلق علي الحائط وانهال علي الشيخ…وهو يصرخ (ابوي كان عندو مال قدر دا ..كان دا حالنا ؟؟…قول ليو..حامد قال ليك أكل نارك …لو عندك 20 مليون ما اتعالجتا بيها مالك؟؟)…
عجيب ابن ادم كيف يستغل الدين لتحقيق اغراض دنيوية زائلة مستغلا جهل البسطاء وحبهم للدين
كسرة
هذه التدوينة ليست لها علاقة باي احداث جارية في اي بلد افريقي عربي انفصل مؤخرا
_______________________________________________
* حقيقة علمية (ع قول د.نبيل فاروق) الليلة في الهلتون تكلف مئة دولار ..
(250 جنيه لحظة كتابة هذه السطور ) و تكلفة الليلة في بعض مستشفيات الخرطوم الخاصة يتجاوز الثلاثمئة جنيه